للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وثالثها: أن العلم كاشف لا موجِب، وإنما الموجِب مشيئة الربّ تعالى، والعلم يكشف حقائق المعلومات.

عدنا إلى الكلام على الآية التي احتج بها القدري، وبيان أنه لا حجة له فيها من ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه قال: {مَا أَصَابَكَ}، ولم يقل: (ما أصبت).

الثاني: أن المراد بالحسنة والسيئة النعمة والمصيبة.

الثالث: أنه قال: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}، فالإنسان هو فاعل السيئات ويستحق عليها العقاب، والله هو المنعم عليه بالحسنات عملًا وجزاء، والعادل فيه بالسيئات قضاء وجزاء، ولو كان العمل الصالح من نفس العبد كما كان السيئ من نفسه لكان الأمران كلاهما من نفسه، والله سبحانه قد فرق بين النوعين.

وفي الحديث الصحيح الإلهي: «يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفِّيكم إيّاها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه» (١).

فصل (٢)

قال الجبري: أول الآية مُحْكَم، وهو قوله: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}، وآخرها متشابه، وهو قوله: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: ٧٩].


(١) تقدم تخريجه في (١/ ١٥٨).
(٢) انظر: «مجموع الفتاوى» (١٤/ ٢٤٨ - ٢٥٥).