للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو سبحانه يذكّر عباده بنعمه عليهم، ويدعوهم بها إلى معرفته ومحبته وتصديق رسله والإيمان بلقائه، كما تضمنته سورة النعم ــ وهي سورة النحل ــ من قوله: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ} إلى قوله: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسلمون} [النحل: ٤ - ٨١]، فذكّرهم بأصول النعم وفروعها، وعدَّدها عليهم نعمة نعمة، وأخبر أنه أنعم بذلك عليهم؛ ليسلموا له، فتكمل نعمه عليهم بالإسلام الذي هو رأس النعم، ثم أخبر عمن كفره ولم يشكر نعمه بقوله: {(٨٢) نِعْمَتَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ} [النحل: ٨٣] قال مجاهد: "المساكن والأنعام وسرابيل الثياب والحديد، يعرفه كفار قريش ثم ينكرونه، بأن يقولوا: هذا كان لآبائنا ورثناه عنهم" (١).

وقال عون بن عبد الله: "يقولون: لولا فلان لكان كذا" (٢).

وقال الفراء وابن قتيبة: "يعرفون أن النعم من الله، ولكن يقولون: هذه بشفاعة آلهتنا" (٣).

وقالت طائفة: النعمة ههنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وإنكارها جحد نبوته، وهذا يُروى عن مجاهد والسدّي (٤).


(١) التفسير المنسوب إلى مجاهد (٤٢٤)، وأسنده الطبري (١٤/ ٣٢٦).
(٢) أسنده الطبري (١٤/ ٣٢٦).
(٣) "معاني القرآن" للفراء (٢/ ١١٢)، "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة (٢٤٨).
(٤) أسنده الخلال في "السنة" (٢١٢)، والطبري (١٤/ ٣٢٥) عن السدي، ولم أقف على نسبته إلى مجاهد.