قال السني: فليس لك أيها القدري أن تحتج بالآية التي نحن فيها لمذهبك لوجوه:
أحدها: أنك تقول: فعل العبد ـ حسنة كان أو سيئة ـ هو منه لا من الله، بل الله سبحانه قد أعطى كل واحد من الاستطاعة ما يفعل به الحسنات والسيئات، لكن هذا أحدث من عند نفسه إرادةً فعل بها الحسنات، وهذا أحدث إرادة فعل بها السيئات، وليست واحدة من الإرادتين من إحداث الربِّ البتّة، ولا أوجبتها مشيئته.
والآية قد فرّقت بين الحسنة والسيئة، وأنتم لا تفرقون بينهما؛ فإن الله عندكم لم يشأ هذا ولا هذا، ولم يخلق هذا ولا هذا.
قال القدري: إضافة السيئة إلى نفس العبد لكونه هو الذي أحدثها وأوجدها، وإضافة الحسنة إليه سبحانه لكونه هو الذي أمر بها وشرعها.
قال السني: الله سبحانه أضاف إلى العبد ما أصابه من سيئة، وأضاف إلى نفسه ما أصاب العبد من حسنة، ومعلوم أن الذي أصاب العبد هو الذي قام به، والأمر لم يقم بالعبد، وإنما قام به المأمور، وهو الذي أصابه، فالذي أصابه لا تصح إضافته إلى الربّ عندكم، والمضاف إلى الربّ لم يقم بالعبد، فعُلِم أن الذي أصابه من هذا وهذا أمر قائم به، فلو كان المراد به الأفعال الاختيارية من الطاعات والمعاصي لاستوت الإضافة، ولم يصح الفرق، وإن افترقا في كون أحدهما مأمورًا به والآخر منهيًا عنه، على أنّ النهي أيضًا من