للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاستعاذة ثلاثة أمور: الاستعاذة من العذاب، ومن سببه الذي هو العمل، ومن سبب العمل الذي هو الصفة.

وقد يرجّح الثاني أن شرّ النفس يعم النوعين كما تقدم، فسيئات الأعمال ما يسوء من جزائها، ونبّه بقوله: «سيئات أعمالنا» على أن الذي يسوء من الجزاء إنما هو بسبب الأعمال الإرادية، لا من الصفات التي ليست من أعمالنا.

ولمّا كانت تلك الصفة شرًّا استعاذ منها، وأدخلها في شر النفس.

وقال الصديق - رضي الله عنه - للنبي - صلى الله عليه وسلم -: علّمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: «قل: اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، ربَّ كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، وشر الشيطان وشركه، وأن أقترف على نفسي سوءًا أو أجره إلى مسلم. قله إذا أصبحت، وإذا أمسيت، وإذا أخذت مضجعك» (١).

ولمّا كان الشر له مصدر يبتدئ منه، وغاية ينتهي إليها، وكان مصدره إما من نفس الإنسان، وإما من الشيطان، وغايته أن يعود على صاحبه، أو على أخيه المسلم= تضمّن الدعاء هذه المراتب الأربعة (٢) بأوجز لفظ وأفصحه وأبينه.


(١) أخرجه أحمد (٧٩٦١)، وأبو داود (٥٠٦٧)، والترمذي (٣٣٩٢) وقال: «حسن صحيح»، وصدر الحديث: «علمني شيئًا أقوله إذا أصبحت، وإذا أمسيت»، فكأنّ المؤلف سبق قلمه فركّب صدر حديث آخر لأبي بكر في أدعية الصلاة على هذا المتن، والله أعلم.
(٢) كذا في الأصول بتأنيث العدد، والجادة التذكير مخالفة للمعدود، وتقدم نظيره في كلام المؤلف.