للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكمل الوجوه، وأقربها إلى حصول الغايات المحمودة والحِكَم المطلوبة، فلم تكن تحصل تلك الحِكَم والغايات التي انفرد الله سبحانه بعلمها على التفصيل، وأطلع من شاء من عباده على أيسر اليسير منها، إلا بهذه الأسباب والبدايات (١).

وقد سأله الملائكة المقربون عن جنس هذه الأسئلة وأصلها فقال: {إِنِّيَ أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٣٠]، فأقرّوا له بكمال العلم والحكمة، وأنه في جميع أفعاله على صراط مستقيم، وقالوا: {سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [البقرة: ٣٢]، ولما ظهر لهم بعض حكمته فيما سألوا عنه، وأنهم لم يكونوا يعلمون قال: {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} [البقرة: ٣٣].

فصل

ونحن نذكر أصولًا مهمة يتبين بها جواب هذه الأسئلة، وقد اعترف كثير من المتكلمين ــ ممن له نظر في الفلسفة والكلام ــ أنه لا يمكن الجواب عنها إلا بالتزام القول بالموجِب بالذات، أو القول بإبطال الحكمة والتعليل، وأنه سبحانه لا يفعل شيئًا لشيء، ولا يأمر بشيء لحكمة، ولا جعل شيئًا من الأشياء سببًا لغيره، وما ثَمّ إلا مشيئة محضة، وقدرة ترجّح مِثْلًا على مِثْل بلا سبب ولا علّة، وأنه لا يقال في فِعْله: لِمَ ولا كيف، ولا لأي سبب وحكمة، ولا هو مُعلَّل بالمصالح.


(١) «د»: «والهدايات».