للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الخامس والعشرون

في امتناع إطلاق القول نفيًا وإثباتًا: «إن الربّ تعالى مريد للشرّ وفاعل له»

هذا موضع اختلف مثبتو القدر ونفاته فيه.

فقال النفاة: لا يجوز أن يقال: إنّ الله سبحانه مريد للشرّ أو فاعل له.

قالوا: لأن مريد الشرّ وفاعله شرّير، هذا هو المعروف لغة وعقلًا وشرعًا، كما أن الظالم فاعل الظلم، والفاجر فاعل الفجور ومريده، والربّ يتعالى ويتنزّه عن ثبوت معاني أسماء السوء له؛ فإن أسماءه كلها حسنى، وأفعاله كلّها خير، فيستحيل أن يريد الشرّ أو يفعل الشر، فالشرّ ليس بإرادته ولا بفعله.

قالوا: وقد قام الدليل على أن فعله سبحانه عين مفعوله، والشرّ ليس بفعل له، فلا يكون مفعولًا له.

وقابلهم الجبرية فقالوا: بل الربّ سبحانه يريد الشرّ ويفعله.

قالوا: لأن الشرّ موجود فلا بدّ له من خالق، ولا خالق إلا الله، وهو سبحانه إنما يخلق بإرادته، فكل مخلوق فهو مراد له، وهو فعله.

ووافقوا إخوانهم على أن الفعل عين المفعول، والخلق نفس المخلوق.

ثم قالوا: والشر مخلوق له ومفعول، فهو فِعْله وخَلْقه وواقع بإرادته.

قالوا: وإنما لم نطلق القول: إنه يريد الشرّ، ويفعل الشرّ؛ أدبًا لفظيًّا فقط،