للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالإجلال عن هذا الإجلال (١) واجب، والتنزيه عن هذا التنزيه متعين (٢)، فتنزيه الربّ تعالى عن قيام الأفعال به تنزيه له عن ربوبيته وملكه.

قالوا: ولنا على صحة هذه المسألة أكثر من ألف دليل من القرآن والسنة والمعقول.

وقد اعترف أفضل متأخريكم (٣) بفساد شبهكم كلها على إنكار هذه المسألة، وذَكَرَها شبهة شبهة وأفسدها، وألزم بها جميع الطوائف.

حتى الفلاسفة الذين هم أبعد الطوائف من إثبات الصفات والأفعال قالوا: ولا يمكن إثبات حدوث العالم وكون الربّ خالقًا ومتكلمًا وسامعًا ومبصرًا، ومجيبًا للدعوات، ومدبرًا للمخلوقات، وقادرًا ومريدًا؛ إلا بالقول بأنه فعَّال، وأن أفعاله قائمة به، فإذا بطل أن يكون له فعل، وأن تقوم بذاته الأمور المتجددة بطل هذا كله.

فصل

وقد أجاب عن هذا عبد العزيز بن يحيى الكناني في «حيدته» (٤) فقال في سؤاله للمَرِيسي: بأي شيء حدثت الأشياء؟

فقال له: أحدثها الله بقدرته التي لم تزل.

فقلت له: أحدثها بقدرته كما ذكرت، أفليس تقول: إنه لم يزل قادرًا؟


(١) «د» «م»: «فالاضلال من هذا الاضلال» تحريف، والمثبت من «ج».
(٢) محله في «د» كلمة يشبه أن تكون: «مستفال» دون إعجام.
(٣) «د»: «متأخروكم» دون: «أفضل».
(٤) «الحيدة» (٨٣ - ٨٤).