للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وزادوا على ذلك بأن قالوا: الأعراض كلها لا تبقى زمانين، ولا تستقرّ وقتين. فإذا جمَعْتَ بين قولهم بعدم بقاء الأعراض، وقولهم بتماثل الأجسام، وتساوي الأفعال، وأن العبد لا فعل له البتَّة، وأنه لا سبب في الوجود ولا قوة ولا غريزة ولا طبيعة، وقولهم: إن الربَّ تعالى ليس له فعل يقوم به، وفعله عين مفعوله. وقولهم: إنه ليس بمباين لخلقه، ولا داخل العالم ولا خارجه، ولا متصلًا به ولا منفصلًا عنه. وقولهم: إنه لا يتكلَّم ولا يُكلَّم، ولا قال ولا يقول، ولا سمع أحدٌ خطابَه ولا يسمعه، ولا يراه المؤمنون يوم القيامة جهرة بأبصارهم من فوقهم= أنتجَتْ لك هذه الأصول عقلًا يعارض السمع، ويناقض الوحي، وقد أوصاك الأشياخ عند التعارض بتقديم هذا المعقول، على ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

فلو أني بُلِيتُ بهاشميٍّ ... خؤولتُه بنو عبد المدان

لهان عليَّ ما ألقى ولكن ... تعالوا فانظروا بمن ابتلاني (١)

فصل

ولمّا كانت معرفةُ الصواب في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل واقعةً في مرتبة الحاجة، بل في مرتبة الضرورة؛ اجتهدتُ في جمع هذا الكتاب وتهذيبه، وتحريره وتقريبه، فجاء فَرْدًا في معناه، بديعًا في مَغْزاه، وسمّيتُه:


(١) أنشدها دون نسبة في "الكامل" (٢/ ٩٨٠)، وفي "ديوان المعاني" (١/ ٣٧٥).

وأشار محقق "الكامل" إلى مجيئها في بعض الأصول منسوبة لدعبل، ورجح الأشتر عدم صحة هذه النسبة في "ديوان دعبل" (٤٢٩)، ونسبهما في "أخبار أبي تمام" (٣٩) إلى زياد بن عبيد الله الحارثي، وفي "بهجة المجالس" (١/ ٣٨٤) إلى أبي راسب.