للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتنصير موقوف على أسباب خارجة عن الفطرة، وحصول الحنيفية والإخلاص ومعرفة الربّ والخضوع له لا يتوقّف أصله على غير الفطرة، وإن توقّف كماله وتفصيله على غيرها، وبالله التوفيق.

فصل (١)

وقوله - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى: «إني خلقتُ عبادي حنفاء، فاجتالتهم الشياطين، وحرّمتْ عليهم ما أحللتُ لهم» (٢)، يتضمن أصلين عظيمين مقصودين لأنفسهما، ووسيلة تعين عليهما:

أحدهما: عبادته وحده لا شريك له.

والثاني: [أنه] (٣) إنما يُعبد بما شرعه وأحبَّه وأمر به.

وهذان الأصلان هما المقصود الذي خُلِق له الخلق، وضدهما الشرك والبدع، فالمشرك يعبد مع الله غيره، وصاحب البدعة يتقرّب إلى الله بما لم يأمر به ولم يشرعه ولا أحبه.

وجعل سبحانه حِلّ الطيبات مما يُستعان به على ذلك، ويُتَوسّل به إليه.

فمدار الدين على هذين الأصلين وهذه الوسيلة.

فأخبر سبحانه أن الشياطين اقتطعت عباده عن هذا المقصود، وعن هذه الوسيلة؛ فأمرتهم أن يشركوا به ما لم ينزل به سلطانًا، وهذا يتناول الإشراك


(١) انظر: «درء التعارض» (٨/ ٤٥٥ - ٤٥٦).
(٢) تقدم تخريجه (٢/ ٦٥).
(٣) «أنه» من «ت».