للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ مُشْرِكُونَ} [النحل: ٩٩ - ١٠٠].

وأما إماتة الأنبياء والمرسلين فلم يكن ذلك لهوانهم عليه، ولكن ليصلوا إلى محل كرامته، ويستريحوا من نكد الدنيا وتعبها، ومقاساة أعدائهم وأتباعهم، وليجيء الرسل بعدهم تترى رسولًا بعد رسول، فإماتتهم أصلح لهم وللأمة.

أما هم فلراحتهم من الدنيا ولحُوقهم بالرفيق الأعلى في أكمل لذة وسرور، ولاسيما وقد خيّرهم ربهم بين البقاء في الدنيا واللحاق به.

وأما الأمم فيعلم أنهم لم يطيعوهم في حياتهم خاصة، بل أطاعوهم بعد مماتهم كما أطاعوهم في حياتهم، وأن أتباعهم لم يكونوا يعبدونهم بل يعبدون الله بأمرهم ونهيهم، والله هو الحي الذي لا يموت.

فكم في إماتتهم من حكمة ومصلحة لهم وللأمم، هذا وهُم بشر، ولم يخلق الله البشر في الدنيا على خِلْقة قابلة للدوام، بل جعلهم خلائف في الأرض، يخلف بعضهم بعضًا، فلو أبقاهم لفاتت المصلحة والحكمة في جعلهم خلائف، ولضاقت بهم الأرض، فالموت كمال لكل مؤمن، ولولا الموت لما طاب العيش في الدنيا، ولا تهنّا أهلها بها (١)، فالحكمة في الموت كالحكمة في الحياة.

الوجه السابع والعشرون: قوله: «وأي حكمة ومصلحة في إخراج آدم من الجنة إلى دار الابتلاء والامتحان؟».


(١) «د»: «ولا يهنأ لأهلها» مهملة.