للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفعل من الاستحالة الذاتية إلى الإمكان الذاتي من غير حدوث سبب ولا تغير في الفاعل= فقد نادى على عقله بين الأنام.

قالوا: وإذا جاز هذا في العقول (١) جاز أن ينقلب العالم من العدم إلى الوجود من غير فاعل، وإن امتنع هذا في بدائه العقول، فكذلك تجدُّد إمكان الفعل وانقلابه من الامتناع الذاتي إلى الإمكان الذاتي بلا سبب، وأما أن يكون هذا ممكنًا، وذاك ممتنعًا، فليس في العقول ما يقتضي ذلك (٢).

قالوا: والتسلسل لفظ مجمل لم يرد بنفيه ولا إثباته كتاب ناطق، ولا سنة متّبعة، فيجب مراعاة لفظه، وهو ينقسم إلى: واجب، وممتنع، وممكن.

فالتسلسل في المؤثِّرين محال ممتنع لذاته، وهو أن يكون بين مؤثِّرَيْن كل واحد منهما استفاد تأثيره ممن قبله لا إلى غاية.

والتسلسل الواجب ما دلّ عليه العقل والشرع من دوام أفعال الربّ تعالى في الأبد، وأنه كلما انقضى لأهل الجنة نعيم أحدث لهم نعيمًا آخر لا نفاد له، وكذلك التسلسل في أفعاله سبحانه من طرف (٣) الأزل، وأن كل فعل مسبوق بفعل آخر، فهذا واجب في كلامه؛ فإنه لم يزل متكلمًا إذا شاء، ولم تحدث له صفة الكلام في وقت.

وهكذا أفعاله التي هي من لوازم حياته، فإن كل حي فعّال، والفرق بين


(١) «م» «ج»: «وإذا كان هذا»، ويشبه أن تكون في «م»: «المعقول»، والمثبت من «د» أقرب.
(٢) «د» «ج»: «بذلك».
(٣) «م» «ج»: «طرق» بالإعجام، وأهملت في «د»، والمثبت أشبه، وسيأتي نظيره.