للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قائم بذات الرب سبحانه، والقول بوجود (١) مفعول بلا فعل، ولينظر أي هذه الأقوال أبعد عن العقل والسمع، وأيها أقرب إليهما، ونحن نذكر أجوبة الطوائف عن هذا السؤال.

فقالت طائفة: نختار من هذا التقسيم والترديد كون الخلق والتكوين قديمًا قائمًا بذات الربّ تعالى، ولا يلزمنا قدم المخلوق المكوَّن، كما نقول نحن وأنتم: إن الإرادة قديمة، ولا يلزم من قدمها قدم المراد، وكل ما أجبتم به في صورة الإلزام فهو جوابنا بعينه في مسألة التكوين.

وهذا جواب سديد، وهو جواب جمهور الحنفية والصوفية وأتباع الأئمة.

فإن قلتم: إنما لم يلزم من قدم الإرادة قدم المراد؛ لأنها تتعلق بوجود المراد في وقته، فهو يريد كون الشيء في ذلك الوقت، وأما تكوينه وخلقه قبل وجوده فمحال.

قيل لكم: لسنا نقول: إنه كوّنه قبل وقت كونه، بل التكوين القديم اقتضى كونه في وقته، كما اقتضت الإرادة القديمة كونه في وقته.

فإن قلتم: كيف يُعْقَل تكوين ولا مكوَّن؟

قيل: كما عقلتم إرادة ولا مراد.

فإن قلتم: المريد قد يريد الشيء قبل كونه، ولا يكونه قبل كونه.

قيل: كلامنا في الإرادة المستلزمة لوجوده، لا في الإرادة التي لا تستلزم


(١) من قوله: «مخلوق حادث» إلى هنا ساقط من «م».