للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غير وليّها، فالآلهة التي تُعبد من دون الله أحقر وأذل من أن تشفع عند الله، وهي مُحْضَرة في العذاب والهوان مع عابديها، وأقرب الخلق إلى الله وأحبهم إليه لا يشفع عنده إلا من بعد إذنه لمن ارتضاه، فالشفاعة بإذنه من نعمه، فهو المنعم بالشفاعة، وهو المنعم بقبولها، وهو المنعم بتأهيل المشفوع له، إذ ليس كل أحد أهلًا أن يُشْفَع له، فمَن المنعم على الحقيقة سواه؟

قال تعالى: {بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ} [النحل: ٥٣]، فالعبد لا خروج له عن نعمته وفضله ومنّته وإحسانه طرفة عين، لا في الدنيا ولا في الآخرة.

ولهذا ذَمَّ الله سبحانه مَن آتاه شيئًا من نعمه فقال: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِيَ} [القصص:٧٨]، وفي الآية الأخرى: {فَإِذَا (١) مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ} [الزمر: ٤٩].

قال البغوي: "على علم من الله أني له أهل" (٢).

وقال مقاتل: "على خير علمه الله عندي" (٣).

وقال آخرون: على علم من الله أني له أهل. ومضمون هذا القول أن الله آتانِيه على علمه بأني أهله.

وقال آخرون: بل العلم له نفسه. ومعناه: أوتيته على علم مني بوجوه المكاسب. قاله قتادة وغيره (٤).


(١) "د" "م": "وإذا".
(٢) "معالم التنزيل" (٧/ ١٢٤).
(٣) "تفسير مقاتل" (٣/ ٣٥٦)، والمؤلف صادر في هذا الموضع عن البغوي.
(٤) انظر: "المحرر الوجيز" (١٢/ ٥٤٩).