للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والله غير قادر عليها، ولا جاعل العبد (١) فاعلًا لها (٢)، ولا نقول: إنها مخلوقة بين خالقين مستقلين بالإيجاد والتأثير، وكل هذه أقوال باطلة.

قالت القدرية: معنى قوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} مما لا يقدر عليه غيره، وأما الأفعال التي يقدر عليها العباد فإضافتها إليهم تنفي إضافتها إليه، وإلا لزم وقوع مفعول بين فاعلَيْن، وهو محال.

قال أهل السنة: إضافتها إليهم فعلًا وكسبًا لا ينفي إضافتها إليه سبحانه خلقًا ومشيئة، فهو سبحانه الذي شاءها وخلقها، وهم الذين فعلوها وكسبوها حقيقة، فلو لم تكن مضافة إلى مشيئته وقدرته وخلقه لاستحال وقوعها منهم؛ إذ العباد أعجز وأقل من أن يفعلوا ما لم يشأه الله، ولم يقدر عليه، ولا خلقه.

فصل

ومما يدل على قدرته سبحانه على أفعالهم قوله: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحشر: ٦]، واعتراض القدرية على الاستدلال بذلك، والجواب عنه نظير الاعتراض على قوله: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} وجوابه.

ونزيده تقريرًا: إن أفعالهم أشياء ممكنة، والله تعالى قادر على كل ممكن، فهو الذي جعلهم فاعلين بقدرته ومشيئته، ولو شاء لحال بينهم وبين الفعل، مع سلامة آلة الفعل منهم، كما قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ


(١) "م" "ج": "للعبد" خطأ.
(٢) من قوله: "ولا نقول إنها فعل للعبد" إلى هنا ساقط من "د".