للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قوله عن الغلام: «إنه طُبِع يوم طُبِع كافرًا»، فالمراد به أنه كُتِب كذلك وقُدِّر وخُتِم، فهو من طَبْع الكتاب، ولفظ الطَّبْع لما صار يستعمله كثير من الناس في الطبيعة التي هي بمعنى الجِبِلّة والخِلْقة ظَنّ الظانّ أن هذا مراد الحديث.

وهذا الغلام الذي قتله الخضر ليس في القرآن ما يبيّن أنه كان غير بالغ ولا مكلّف، بل قراءة ابن عباس تدل على أنه كان كافرًا في الحال، وتسميته غلامًا لا تمنع أن يكون مكلّفًا قريبَ عهدٍ بالصغر، ويدل عليه أن موسى لم ينكر قتله لصغره، بل لكونه زاكيًا، ولم يقتل نفسًا.

لكن يقال: في الحديث الصحيح ما يدلّ على أنه كان غير بالغ من وجهين:

أحدهما: أنه قال: «فمرّ بصبي يلعب مع الصبيان».

الثاني: أنه قال: «ولو أدرك لأرهق أبويه طغيانًا وكفرًا»، وهذا دليل على كونه لم يدرك بعد.

فيقال: الكلام على الآية على التقديرين:

فإن كان بالغًا وقد كفر؛ فقد قُتِل على كفره الواقع بعد البلوغ، ولا إشكال.

وإن كان غير بالغ فلعل تلك الشريعة كان فيها التكليف قبل الاحتلام (١) عند قوة عقل الصبي وكمال تمييزه.


(١) «د»: «الاحكام» تحريف، والتصحيح من «درء التعارض».