للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالقدر السابق معين على الأعمال، وباعث عليها، ومقتضٍ لها، لا أنه منافٍ لها، وصادّ عنها، وهذا موضع مزلة قدم، من ثبتت قدمه عليه فاز بالنعيم المقيم، ومن زلَّت قدمه عنه هوى إلى قرار الجحيم.

فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أرشد الأمة في القدر إلى أمرين، هما سببا السعادة: الإيمان والإقرار به، فإنه نظام التوحيد. والإتيان بالأسباب التي توصل إلى خيره، وتحجز عن شره، وذلك نظام الشرع.

فأرشدهم إلى نظام التوحيد والأمر، فأبى المنحرفون إلا القدح بإنكاره في أصل التوحيد، أو القدح بإثباته في أصل الشرع، ولم تتسع عقولهم ــ التي لم يُلقِ الله عليها مِن نوره ــ للجمع بين ما جمعت الرسل جميعهم بينه، وهو القدر والشرع، والخلق والأمر {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: ٢١٣]، والنبي - صلى الله عليه وسلم - شديد الحرص على جمع هذين الأمرين للأمة، وقد تقدم قوله: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز" (١)، وأن العاجز مَن لم يتسع للأمرين، وبالله التوفيق.

* * * *


(١) تقدم تخريجه في (٦٠).