للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشرعه لها حِكَم وغايات لأجلها فَعَل وشَرَع، وإن لم يَعْلمها الخلق على التفصيل، فلا يلزم من عدم علمهم بها انتفاؤها في نفسها.

الجواب السابع (١): أن يقال: غاية هذه الشبهة أن يكون سبحانه قادرًا على تحصيل تلك الحِكَم بدون تلك الوسائط، كما هو قادر على تحصيلها بها، وإذا كان الأمران مقدوران له لم يكن العدول عن أحد المقدورَيْن إلى الآخر عبثًا، إلا إذا كان المقدور الآخر مساويًا لهذا من كل وجه.

ولا يمكن عاقلًا أن يقول: إن تعطيل تلك الوسائط وعدمها مساوٍ من كل وجه لوجودها. وهذا من أعظم البهت وأبطل الباطل، وهو يتضمن القدح في الحسّ والعقل والشرع، كما هو قدح في الحكمة؛ فإنّ مَنْ جعل وجود الرسل وعدمهم سواء، ووجود الشمس والقمر والنجوم والمطر والنبات والحيوان وعدمه سواء، ووجود هذه الوسائط جميعها وعدمها سواء= فلم يدع للمكابرة موضعًا.

الجواب الثامن: قولك: «جميع الأغراض يرجع حاصلها إلى شيئين: تحصيل اللذة، ودفع الهم والحزن»، أتريد به الغرض الذي يفعل لأجله الحيوان، أو الحكمة التي يفعل الله سبحانه لأجلها، أم تريد به ما هو أعم من ذلك؟

فإن أردت الأول لم يفدك شيئًا، وإن أردت الثاني أو الثالث كانت دعوى مجردة لا برهان عليها؛ فإن حكمة الربّ تعالى فوق تحصيل اللذة ودفع الغم والحزن، فإنه يتعالى عن ذلك، بل ليس كمثل حكمته شيء.


(١) «د»: «السادس»، وتسلسل الخطأ فيما بعد من أجوبة.