للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من القيام، هذا قول ابن مسعود، ومعاوية بن قُرّة، وجماعة، قالوا: ناشئة الليل: قيام الليل (١).

وقال آخرون ــ منهم عائشة ــ: إنما يكون القيام ناشئة إذا تقدمه نوم، قالت عائشة: "ناشئة الليل القيام بعد النوم" (٢).

وهو قول ابن الأعرابي، قال: "إذا نمتَ من أول الليلة نومة، ثم قمتَ فتلك النشأة، ومنه ناشئة الليل" (٣).

فعلى قول الأولين: "ناشئة الليل" إضافة بمعنى "من"، إضافة نوع إلى جنسه، أي: ناشئة منه.

وعلى قول هؤلاء: إضافة بمعنى "في"، أي: طاعة ناشئة فيه.

والمقصود: أن الإنشاء ابتداء، سواء تقدمه مثله كالنشأة الثانية، أو لم يتقدمه كالنشأة الأولى.

وأما الجَعْل فقد أُطلق على الله سبحانه بمعنيين:

أحدهما: الإيجاد والخلق.

والثاني: التصيير.

فالأول يتعدى إلى مفعول، كقوله: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الأنعام: ١]،


(١) قول ابن مسعود أسنده ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٠٥٩٢)، وقول ابن قرة نسبه إليه المروزي في "قيام الليل" ـ مختصره ـ (٤٠).
(٢) أورده الثعلبي في "الكشف والبيان" (١٠/ ٦١).
(٣) أورده الواحدي في "البسيط" (٢٢/ ٣٥٩)، والمصنف مقتبس في هذا الموضع منه.