للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمعنى أن ساعات الليل الناشئة، وقول صاحب "الصحاح" منقول عن كثير من السلف.

قال علي بن الحسين: "ناشئة الليل: ما بين المغرب إلى العشاء" (١).

وهذا قول أنس، وثابت، وسعيد بن جبير، والضحّاك، والحَكَم، واختيار الكسائي، قالوا: ناشئة الليل أوله (٢)، وهؤلاء راعوا معنى الأولية في الناشئة.

وفيها قول ثالث: أن الليل كله ناشئة، وهذا قول عكرمة، وأبي مِجْلَز، ومجاهد، والسُّدِّي، وابن الزبير، وابن عباس في رواية.

قال ابن أبي مُلَيْكة: سألت ابن الزبير وابن عباس عن ناشئة الليل، فقالا: الليل كلّه ناشئة (٣).

فهذه أقوال من جعل ناشئة الليل زمانًا.

وأما من جعلها فعلًا ينشأ بالليل؛ فالناشئة عندهم اسم لما يُفعل بالليل


(١) أسنده الثعلبي في "الكشف والبيان" (١٠/ ٦١)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٤٧٥٦).
(٢) قولا أنس وسعيد أسندهما ابن أبي شيبة في "المصنف" (٥٩٧٧، ٥٩٧٥)، وأورد الأزهري في "تهذيب اللغة" (١١/ ٤١٩) قول الضحاك ـ وفي "جامع البيان" (٢٣/ ٣٦٨) عنه ما يوافق القول الثالث ـ والحكم واختيار الكسائي، ولم أقف على نسبته لثابت، قال في "البسيط" (٢٢/ ٣٥٨) بعد حكاية القول: "وهو قول أنس. روى ثابت أنه كان يصلي ما بين المغرب والعشاء، ويقول: هي: (ناشئة الليل) "، فلعل المصنف نسب القول إلى ثابت سهوًا مع أنه هو الراوي عن أنس فحسب، والله أعلم.
(٣) أقوال عكرمة وأبي مجلز ومجاهد أسندها الطبري (٢٣/ ٣٦٧)، وفي "غريب الحديث" للحربي (٢/ ٨٧٩) نسبته إلى السدي.