للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي "الصحيح" (١) عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لأبي موسى: "ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله"، وقد أجمع المسلمون على هذه الكلمة وتلقيها بالقبول، وهي شافية كافية في إثبات القدر، وإبطال قول القدرية.

وفي بعض الحديث إذا قالها العبد قال الله: "أسلم عبدي واستسلم" (٢)، وفي بعضه: "فوَّض إليّ عبدي" (٣).

قال بعض المنتسبين للقدر: لما كانت القدرة بالنسبة إلى الفعل وإلى الترك على السويّة، وما دام الأمر كذلك امتنع صدور الفعل، فإذا رَجَح جانب الفعل على الترك بحصول الدواعي، وإزالة الصوارف حصل الفعل، وهذه القوة هي المشار إليها بقولنا: لا حول ولا قوة إلا بالله.

وشأن الكلمة أعظم مما قال؛ فإن العالم العلوي والسفلي كله في تحوّل من حال إلى حال، وذلك التحوّل لا يقع إلا بقوة يقع بها التحوّل، فذلك (٤) الحول وتلك القوة عليه بالله وحده ليست بالتحوّل، فيدخل في هذا كل حركة في العالم العلوي والسفلي، وكل قوة على تلك الحركة، سواء كانت الحركة قسرية أو إرادية أو طبيعية، وسواء كانت من الوسط أو إلى الوسط أو على الوسط، وسواء كانت في الكَمّ أو في الكيف أو في الأين، كحركة النبات،


(١) البخاري (٤٢٠٥)، ومسلم (٢٧٠٤).
(٢) أخرجه أحمد (٧٩٦٦)، والترمذي (٣٦٠١)، والنسائي في "الكبرى" (٩٧٥٧) من حديث أبي هريرة، وصححه الحاكم (٥٤).
(٣) لم أهتد إليه.
(٤) "م": "وذلك".