للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحركة الطبيعة، وحركة الحيوان، وحركة الفَلَك، وحركة النفس والقلب، والقوة على هذه الحركات التي هي حَوْل، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

ولما كان الكنز هو المال النفيس المجتمع الذي يخفى على أكثر الناس، وكان هذا شأن هذه الكلمة؛ كانت كنزًا من كنوز الجنة، وأوتيها النبي - صلى الله عليه وسلم - من كنز تحت العرش، وكأن قائلها أسلم واستسلم لمن أزمَّة الأمور بيديه، وفوّض إليه.

وفي "المسند" و"السنن" (١) عن ابن الديلمي قال: أتيت أبيّ بن كعب فقلت: في نفسي شيء من القدر، فحدثني بشيء لعل الله يذهبه من قلبي. فقال: إن الله لو عذّب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته خيرًا لهم من أعمالهم، ولو أنفقت مثل أحد ذهبًا ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير ذلك لكنت من أهل النار. قال: فأتيت عبد الله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وزيد بن ثابت؛ فكل منهم حدثني بمثل ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وهذا الحديث حديث صحيح، رواه الحاكم في "صحيحه"، وله شأن عظيم، وهو دالٌّ على أن من تكلم به أعرف الخلق بالله، وأعظمهم له توحيدًا، وأكثرهم له تعظيمًا، وفيه الشفاء التام في باب العدل والتوحيد؛ فإنه لا يزال يجول في نفوس كثير من الناس كيف يجتمع القضاء والقدر، والأمر والنهي؟ وكيف يجتمع العدل والعقاب على المَقْضِي المُقَدَّر الذي لا بدّ للعبد من


(١) تقدم تخريجه في (١٩٦).