للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حكمة الله الباهرة في خلقه وأمره بمنزلة جَحْد الشمس والقمر والليل والنهار، وغير مستنكر لكثير من طوائف أهل الكلام المكابرة في جَحْد الضروريات.

وإن أقررتم بحكمته في بعض خلقه وأمره قيل لكم: فأي الأمرين (١) أولى به: وجود تلك الحكمة أم عدمها؟

فإن قلتم: عدمها أولى من وجودها؛ كان هذا غاية الكذب والبهت والمحال.

وإن قلتم: وجودها أكمل؛ قيل: فهل هو قادر على تحصيلها في جميع خلقه وأحكامه، أم غير قادر؟

فإن قلتم: غير قادر؛ جئتم بالعظيمة في العقل والدين، وانسلختم من عقولكم وأديانكم.

وإن قلتم: بل هو قادر على ذلك؛ قيل: فإذا كان قادرًا على شيء وهو كمال في نفسه، ووجوده خير من عدمه، وهو أولى به= فكيف يجوز نفيه عنه؟

فإن قلتم: إنما نفيناه لأنا لم نطلع على حقيقته؛ قيل: صدقتم، هذا والله شأنكم في جميع ما تنفونه عن الله، إنما مستندكم في نفيه عدم الاطلاع على حقيقته، ولم تكتفوا بقبول قول الرسل، فصرتم إلى النفي.

الجواب العاشر: أن العقلاء قاطبة متفقون على أن الفاعل منهم إذا فعل


(١) «م»: «الكفرين».