للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يغضب، وبعضها يشتد غضبه فلا يزال يُسترضى حتى يرضى.

وبعضها عنده علم ومعرفة بأمور دقيقة لا يهتدي إليها أكثر الناس، وبعضها لا معرفة له بشيء من ذلك البتة، وبعضها يستقبح القبيح وينفر منه، وبعضها الحسن والقبيح عنده سواء، وبعضها يقبل التعليم بسرعة، وبعضها مع الطول، وبعضها لا يقبل ذلك بحال.

وهذا كله من أدل الدلائل على الخالق لها سبحانه، وعلى إتقان صنعه، وعجيب تدبيره، ولطيف حكمته، فإن فيما أودعها من غرائب المعارف، وغوامض الحيل وحسن التدبير والتأتّي لما تريده= ما يستنطق الأفواه بالتسبيح، ويملأ القلوب من معرفته ومعرفة حكمته وقدرته، وما يعلم به كل عاقل أنه لم يُخلق عبثًا، ولا يُترك (١) سُدى، وأن لله سبحانه في كل مخلوق حكمًا باهرة، وآيات ظاهرة، وبرهانًا قاطعًا، يدل على أنه ربّ كلّ شيء ومليكه، وأنه المنفرد بكل كمال دون خلقه، وأنه على كل شيء قدير، وبكل شيء عليم (٢).

فصل

فلنرجع إلى ما ساقنا إلى هذا الموضع، وهو الكلام على الهداية العامة، التي هي قرينة الخلق في الدلالة على الرب تبارك وتعالى وأسمائه وصفاته وتوحيده.

قال تعالى إخبارًا عن فرعون أنه قال: {فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى (٤٩) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي


(١) عدا "م": "ولم يترك".
(٢) إزاءه بحاشية "م" دون لحق: "وله في كل شيء آية تدل على أنه واحد".