للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر ابن الأعرابي قال: أكلت حيّةٌ بيض مُكَّاء (١)، فجعل المُكَّاء يشوّش (٢) ويطير على رأسها ويدنو منه، حتى إذا فتحت فاها وهمّت به ألقى فيه حَسَكة، فأخذت بحلقها حتى ماتت.

وأنشد أبو عمرو الشيباني في ذلك قول الأسدي:

إن كنت أبصرتني عَيلًا ومصطلمًا ... فربما قتل المكَّاءُ ثعبانًا (٣)

وهداية الحيوانات إلى مصالح معاشها كالبحر، حدِّث عنه ولا حرج.

ومن عجيب هدايتها أن الثعلب إذا امتلأ من البراغيث أخذ صوفة بفمه، ثم عمد إلى ماء رقيق، فنزل فيه قليلًا قليلًا، حتى ترتفع البراغيث إلى الصوفة، فيلقيها في الماء ويخرج (٤).

ومن عجيب أمره أن ذئبًا أكل أولاده، وكان للذئب أولاد، وهناك زُبْيَة (٥)، فعمد الثعلب وألقى نفسه فيها، وحفر فيها سردابًا يخرج منه، ثم عمد إلى أولاد الذئب فقتلهم، وجلس ناحية ينتظر الذئب، فلما أقبل وعرف أنها فِعْلَته هرب قدّامه وهو يتبعه، فألقى نفسه في الزُبْيَة، ثم خرج من


(١) طائر له صفير حسن، وتصعيد في الجو وهبوط، من فصيلة القنابر، ينظر: "معجم الحيوان" لمعلوف (١٤٦).
(٢) من التشويش وهو الخلط واللبس، وفي "الحيوان" (٧/ ٢٣): "يشرشر"، والشرشرة كالرفرفة بالجناح، انظر: "التقفية" (٤٣٢).
(٣) الحكاية والشاهد في "الحيوان" (٧/ ٢٣)، وفيه: "أبصرتني فذًّا" أي: فردًا، وقوله: "مصطلمًا" يعني مقطوعًا وحيدًا.
(٤) "الحيوان" (٦/ ٣٠٦).
(٥) الزبية: حفرة لاصطياد السبع تحفر في موضع عال، "الصحاح" (زبى) (٦/ ٢٣٦٦).