للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لك عنه، ولا مفرّ لك منه.

قال السني: وقد أجابك إخوانك من القدرية عن هذه الحجة بأجوبة أخرى.

فقال أبو هاشم وأصحابه: لا يتوقف فعل القادر على الداعي، بل يكفي في فعله مجرد قدرته.

قالوا: فقولك: عند حصول الداعي: إما أن يجب الفعل أو لا يجب؟ عندنا لا يجب الفعل بالداعي، ولا يتوقف عليه (١).

ولا يمكنك ــ أيها الجبري ــ الرد على هؤلاء؛ فإن الداعي عندك لا تأثير له في الفعل البتّة، ولا هو متوقف عليه، ولا على القدرة؛ فإن القدرة الحادثة عندك لا تؤثر في مقدورها، فكيف يؤثر الداعي في الفعل، فهذه الحجة لا تتوجه على أصولك البتّة، وغايتها إلزام خصومك بها على أصولهم.

وقال أبو الحسين البصري وأصحابه: يتوقف الفعل على الداعي.

ثم قال أبو الحسين: إذا تجرد الداعي وجب وقوع الفعل، ولا يخرج بهذا الوجوب عن كونه اختياريًا.

وقال محمود الخوارزمي صاحبه: لا ينتهي بهذا الداعي إلى حَدِّ الوجوب، بل يكون وجوده أولى (٢). ه


(١) ناقش القاضي هذه المسألة في عدة فصول من الجزء الخاص بالمخلوق في كتابه "المغني في أبواب التوحيد والعدل" (٨/ ٥٣، ٦٣)، ونقل عن أبي هاشم جملة نقول.
(٢) حكى هذه الأقوال الرازي في "الأربعين" (٣١٩ - ٣٢٠)، وانظر: "منهاج السنة" (٣/ ٢٤٨ - ٢٥١)، "مجموع الفتاوى" (١٦/ ٣٨٠).