للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدها: أن قولك: «إنّ كل مَن فعل لغرض يكون ناقصًا بذاته مستكملًا بغيره»، ما تعني بقولك: إنه يكون ناقصًا بذاته؟

أتعني به: أن يكون عادمًا لشيء من الكمال الذي كان يجب أن يكون له قبل حدوث ذلك المراد؟ أم تعني به: أن يكون عادمًا لما ليس كمالًا قبل وجوده؟ أم تعني به معنى ثالثًا؟

فإن عنيت الأول فالدعوى باطلة؛ فإنه لا يلزم مِن فعْله لغرضٍ حصولُه أولى من عدمه أن يكون عادمًا لشيء من الكمال الواجب قبل حدوث المراد، فإنه يمتنع أن يكون كمالًا قبل حصوله.

وإن عنيت الثاني لم يكن عدمه نقصًا؛ فإن الغرض أنه ليس كمالًا قبل وجوده، وما ليس بكمال في وقت لا يكون عدمه نقصًا فيه، فما كان قبل وجوده عدمه أولى من وجوده، وبعد وجوده وجوده أولى من عدمه= لم يكن عدمه قبل وجوده نقصًا، ولا وجوده بعد عدمه نقصًا، بل الكمال عدمه قبل وقت وجوده، ووجوده وقت وجوده.

وإذا كان كذلك فالحِكَم المطلوبة والغايات من هذا النوع، وجودها وقت وجودها هو الكمال، وعدمها حينئذ نقص، وعدمها وقت عدمها كمال، ووجودها حينئذ نقص. وعلى هذا فالنافي هو الذي نسب النقص إلى الله لا المُثْبِت.

وإن عنيت به أمرًا ثالثًا فلا بدّ من بيانه حتى ننظر فيه.

الجواب الثاني: أن قولك: «يلزم أن يكون ناقصًا بذاته مستكملًا بغيره»، أتعني به: أن الحكمة التي يجب وجودها إنما حصلت له من شيء خارج