للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بطنه، ويأكل مسلوخه (١).

فصل

وكثير من العقلاء يتعلم من الحيوان البهيم أمورًا تنفعه في معاشه وأخلاقه، وصناعته، وحربه، وحزمه، وصبره.

وهداية الحيوان فوق هداية أكثر الناس، قال تعالى: {أَمْ تَحْسِبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} [الفرقان: ٤٤]، قال أبو جعفر الباقر: "والله ما اقتصر على تشبيههم بالأنعام حتى جعلهم أضلّ سبيلًا منها" (٢).

فمَن هدى الأنثى من السباع إذا وضعت ولدها أن ترفعه في الهواء أيامًا، تهرب به من الذرِّ والنمل؛ لأنها تضعه كفِدْرَة (٣) من لحم، فهي تخاف عليه الذرَّ والنمل، فلا تزال ترفعه وتضعه، وتحوّله من مكان إلى مكان حتى يشتد؟ (٤).

وقال ابن الأعرابي: قيل لشيخ من قريش: من علمك هذا كله، وإنما يعرف مثله أصحاب التجارب والتكسب؟

قال: علمني الله ما علّم الحمامة تقليب بيضها حتى تعطي الوجهين


(١) انظر: "الحيوان" (٧/ ٣٣).
(٢) لم أقف عليه.
(٣) الفدرة: القطعة من اللحم إذا كانت مجتمعة، "الصحاح" (٢/ ٧٧٩).
(٤) انظر: "الحيوان" (٧/ ٣٦)، وفيه: "ومن علّم الدب ... ".