للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣]، وقال: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ} [البقرة: ٢٣١]، وقال: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الحجرات: ٧ - ٨]، وقال لرسوله: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ

عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: ١١٣].

وهل النعمة والفضل في الحقيقة إلا ذلك وتوابعه، وثمرته في القلوب والأبدان والدنيا والآخرة؟

وهل في العقول السليمة، والفطر المستقيمة أحسن من ذلك، وأليق بكمال الربّ وأسمائه وصفاته؟

الوجه التاسع والثلاثون: قوله في مناظرة الأشعري للجُبّائي في الإخوة الثلاثة الذين مات أحدهم صغيرًا، وبلغ الآخر كافرًا، والثالث مسلمًا: «إنها مناظرة كافية في إبطال الحكمة والتعليل، ورعاية الأصلح».

فلعمر الله؛ إنها مبطلة لطريقة أهل البدع من المعتزلة والقدرية الذين يوجبون على ربهم مراعاة الأصلح لكل عبد، وهو الأصلح عندهم، وفي ظنّهم، فيشرعون له شريعة بعقولهم، ويحجرون عليه، ويحرّمون عليه أن يخرج عنها، ويوجبون عليه القيام بها، ولذلك كانوا من أحمق الناس، وأعظمهم تشبيهًا للخالق بالمخلوق في أفعاله، وأعظمهم له تعطيلًا عن صفات كماله، فنزّهوه عن صفات الكمال، وشبّهوه بخلقه في الأفعال، وأدخلوه تحت الشريعة الموضوعة