للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكيف يليق بذلك الكمال طيُّ بساط الأمر والنهي، والثواب والعقاب، وترْكُ إرسالِ الرسل، وإنزالِ الكتب، وشرْعِ الشرائع، وتقريرِ الأحكام؟

وهل عرف الله مَن جوّز عليه خلاف ذلك؟

وهل ذلك إلا من سوء الظن به؟

قال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٩١].

فحُسْن التكليف في العقول كحُسْن الإحسان والإنعام والتفضّل والطَّوْل، بل هو من أبلغ أنواع الإحسان والإنعام، ولهذا سمّى سبحانه ذلك نعمة ومنّة وفضلًا ورحمة، وأخبر أن الفرح به خير من الفرح بالنِّعم المشتركة بين الأبرار والفجار، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨) اللَّهِ كُفْرًا} [إبراهيم: ٢٨]، فنعمة الله ههنا هي نعمته بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، وما بعثه به من الهدى ودين الحق.

وقال: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: ١٦٤]، وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهْوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣) ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الجمعة: ٢ - ٤]، وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: ١٠٧]، وقال: {(٥٧) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا} [يونس: ٥٨]، وقال: {الْيَوْمَ