للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعرض لمن لم يُحط به علمًا.

وهو أن الله سبحانه له الخلق والأمر، وأمره سبحانه نوعان: أمرٌ كوني قدري، وأمر ديني شرعي.

فمشيئته سبحانه متعلقة بخلقه وأمره الكوني، ولذلك تتعلق بما يحبه وبما يكرهه، كله داخل تحت مشيئته، كما خلق إبليس وهو يبغضه، وخلق الشياطين والكفار والأعيان والأفعال المسخوطة له وهو يبغضها، فمشيئته سبحانه شاملة لذلك كله.

وأما محبته ورضاه فمتعلقة بأمره الديني (١)، وشرعه الذي شرعه على ألسنة رسله، فما وُجِد منه تعلقت به المحبة والمشيئة جميعًا، فهو محبوب للربّ واقعٌ بمشيئته، كطاعات الملائكة والأنبياء والمؤمنين. وما لم يوجد منه تعلقت به محبته وأمره الديني، ولم تتعلق به مشيئته. وما وُجِد من الكفر والفسوق والمعاصي تعلقت به مشيئته، ولم تتعلق به محبته ولا رضاه ولا أمره الديني. وما لم يوجد منها لم تتعلق به مشيئته ولا محبته.

فلفظ المشيئة كوني، ولفظ المحبة ديني شرعي، ولفظ الإرادة ينقسم إلى: إرادة كونية فتكون هي المشيئة، وإرادة دينية فتكون هي المحبة.

إذا عُرِف هذا؛ فقوله تعالى: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} [الزمر: ٧]، وقوله: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: ٢٠٥]، وقوله: {الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ} [البقرة: ١٨٥]، لا يناقض نصوص القدر، والمشيئة العامة الدالة على وقوع ذلك بمشيئته


(١) زاد سهوًا في "م": "وشرعه الديني".