للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وأما الأقسام الخمسة الباقية فلا يدخل منها في الوجود إلا ما كانت المصلحة والحكمة والخير في إيجاده أكثر من المفسدة، والأقسام الأربعة لا تدخل في الوجود، أما الشر المحض الذي لا خير فيه، فذاك ليس له حقيقة، بل هو العدم المحض.

فإن قيل: إبليس شر محض، والكفر والشرك كذلك، وقد دخل في الوجود، فأي خير في إبليس، وفي وجود الكفر؟

قيل: في خلق إبليس من الحِكَم والمصالح والخيرات التي ترتبت على وجوده ما لا يعلمه إلا الله، كما سننبه على بعضه، فالله سبحانه لم يخلقه عبثًا، ولا قصد بخلقه إضرار عباده وهلاكهم، فكم لله في خلقه من حكمة باهرة، وحجة قاهرة، وآية ظاهرة، ونعمة سابغة، وهو وإن كان للأديان والإيمان كالسموم للأبدان؛ ففي إيجاد السموم من المصالح والحِكَم ما هو خير من تفويتها.

وأما الذي لا خير فيه ولا شر فلا يدخل أيضًا في الوجود؛ فإنه عبث يتعالى الله عنه، وإذا امتنع دخول هذا القسم في الوجود فدخول ما الشر في إيجاده أغلب من الخير أولى بالامتناع.

ومن تأمل هذا الوجود علم أن الخير فيه غالب؛ فإن الأمراض ــ وإن كثرت ــ فالصحة أكثر منها، واللذات أكثر من الآلام، والعافية أعظم من البلاء، والغرق والحرق والهدم ونحوها ــ وإن كثرت ــ فالسلامة أكثر.

ولو لم يوجد هذا القسم الذي خيره غالب لأجل ما يعرض فيه من الشر