للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب العشرون

في ذِكْر مناظرة بين قدري وسُنّي

قال القدري: قد أضاف الله سبحانه الأعمال إلى العباد بأنواع الإضافة العامة والخاصة، فأضافها إليهم بالاستطاعة تارة، كقوله: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ} [النساء: ٢٥]، وبالمشيئة تارة، كقوله: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} [التكوير: ٢٨]، وبالإرادة تارة، كقول الخضر: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} [الكهف: ٧٩]، وبالفعل، والعمل، والكسب، والصنع، كقوله: {يَفْعَلُونَ}، {يَعْمَلُونَ}، {بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ} [الأعراف: ٣٩]، {لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المائدة: ٦٣].

وأما بالإضافة الخاصة فكإضافة الصلاة والصيام والحج والطهارة والزنا والسرقة والقتل والكذب والكفر والفسوق، وسائر أفعالهم إليهم، وهذه الإضافة تمنع إضافتها إليه، كما أن إضافة أفعاله إليه سبحانه تمنع إضافتها إليهم، فلا تجوز إضافة أفعالهم إليه سبحانه دونهم، ولا إليه معهم، فهي إذًا مضافة إليهم دونه.

قال السني: هذا الكلام مشتمل على حق وباطل، أما قولك: «إنه أضاف الأفعال إليهم» فحق لا ريب فيه، وهذا حجة لك على خصومك من الجبرية، وهم يجيبونك عن ذلك بأن هذا الإسناد لا حقيقة له، وإنما هو نسبة مجازية صححها قيام الأفعال بهم، كما يقال: جرى الماء، وبرد، وسخن، ومات زيد، ونحن نساعدك على بطلان هذا الجواب، ومنافاته للعقول والشرائع والفطر.