للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أجمع المسلمون على أن الحالف إذا استثنى في يمينه متصلًا بها، فقال: لأفعلن كذا، أو لا أفعله إن شاء الله؛ أنه لا يحنث إذا خالف ما حلف عليه؛ لأن من أصل أهل الإسلام أنه لا يكون شيء إلا بمشيئة الله، فإذا علّق الحالف الفعل أو الترك بالمشيئة لم يحنث عند عدم المشيئة، ولا تجب عليه الكفارة.

ولو ذهبنا نذكر كل حديث أو أثر جاء فيه لفظ المشيئة، وتعليق فعل الربِّ تعالى بها لطال الكتاب جدًّا.

وأما الإرادة فورودها في نصوص القرآن والسنة معلوم أيضًا، كقوله تعالى: {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} [البروج: ١٦]، {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا} [الكهف: ٨٢]، {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً} [الإسراء: ١٦]، {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ} [البقرة: ١٨٥]، {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: ٨٢]، {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [المائدة: ٤١]، وقول نوح: {(٣٣) وَلَا نُصْحِيَ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ} [هود: ٣٤]، وقوله: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام: ١٢٥]، وقوله: {وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ} [الرعد: ١١]، وقوله: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (٢٧) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: ٢٧ - ٢٨].

وأخبر أنه إذا لم يرد تطهير قلوب عباده لم يكن لهم سبيل إلى تطهيرها،