للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينفعه فلا يريده ولا يعرفه، وكونه لا يريد ذلك ولا يعرفه أمر عدمي، فلا يضاف إلى الرب لا هذا ولا هذا؛ فإنه من هذه الحيثية شرّ، والذي يُضاف إلى الرب علمُه به، وقضاؤه له بعدم مشيئته لضده، وإبقائه على العدم الأصلي، وهو من هذه الجهة خير؛ فإن العلم بالشرّ خير من الجهل به وعدم رفعه بإثبات (١) ضدّه، إذا كان مقتضى الحكمة كان خيرًا، وإن كان شرًّا بالنسبة إلى محله، وسيأتي تمام تقرير هذا في باب دخول الشر في القضاء الإلهي، إن شاء الله (٢).

فصل (٣)

وههنا حياة أخرى غير الحياة الطبيعية الحيوانية، نسبتها إلى القلب كنسبة حياة البدن إليه، فإذا أمد عبده بتلك الحياة أثمرت له من محبته، وإجلاله، وتعظيمه، والحياء منه، ومراقبته، وطاعته مثل ما تثمر حياة البدن له من التصرف والفعل، وسعادة النفس ونجاتها وفلاحها بهذه الحياة، وهي حياة دائمة سرمدية لا تنقطع.

ومتى فُقِدتْ هذه الحياة، واعتاضت عنها بحياتها الطبيعية الحيوانية؛ كانت ضالة معذّبة شقية، ولم تسترح راحة الأموات، ولم تعش عيش الأحياء، كما قال تعالى: {سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (١٠) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (١١) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (١٢) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا} [الأعلى: ١٠ - ١٣]، فإن الجزاء من جنس


(١) «د»: «بإتيان».
(٢) في الباب الواحد والعشرين (٨١).
(٣) انظر: «مجموع الفتاوى» (١٤/ ٢٩٦ - ٢٩٨).