للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مقدمة التحقيق]

الحمد لله حمدًا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، وصلاةً وسلامًا دائمين على سيد الخلائق، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.

أما بعد، فهذه مَعْلمة كبرى في سادس أركان الإيمان، ومصنَّف حافل في أصل عظيم من أصول العقيدة: القضاء والقدر، جمع فيه مؤلفه شمس الدين ابن قيِّم الجوزية رحمه الله ما تناثر من مباحث الباب، فلملم عيون مطالبه، وحرّر ما أشكلَ مِن مسائله، وجلّى ما خفي من غوامضه، وأجاب عما أُورِد فيه من شبهات، واستفرغ فيه جهده بما عُهِد عنه من التحقيق وطول النّفَس في تحرير دقائق المباحث وعويص المسائل.

ليجيء هذا السفر في ثلاثين بابًا، مشتملة على فصولٍ عديدة وأوجه ومقدمات، جامعة بين المنقول والمعقول، والبحث والتحرير، والمناقشة والترجيح، والمناظرة والتقرير، مشحونًا بالفوائد العزيزة، والاستطرادات النفيسة، على ما جرت به عادته رحمة الله عليه في عامة تواليفه.

حتى أضحى الكتاب من أوسع المصنفات في موضوعه ـ إن لم يكن أوسعها ــ، وأغزرها مادة، وأجمعها موردًا، وأكثرها نفعًا، ليصبح مرجعًا أصيلًا لا غنى عنه للباحثين، ويكون شفاء للعليل، ورواء للغليل، وبلاغًا لأهل السنة والدليل، وفي كلٍّ خير.

إن الكلام في مسائل القضاء والقدر مما نشأ مبكّرًا في التاريخ الإسلامي أواخر عصر الصحابة رضوان الله عليهم، ولم يزل شرخ الخلاف يتسع في الأمة شيئًا فشيئًا، حتى تعددت فيه الآراء، واضطربت الأفهام، وزلّت

<<  <  ج: ص:  >  >>