للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة» (١).

وقال سعيد بن جبير في قوله: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} قال: كما كتب عليكم تكونون.

وقال مجاهد: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} شقي وسعيد.

وقال أيضًا: يُبْعَث المسلم مسلمًا، والكافر كافرًا.

وقال أبو العالية: عادوا إلى علمه فيهم: {فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} (٢).

قلت: هذا المعنى صحيح في نفسه، دلّ عليه القرآن والسنة والآثار السلفية، وإجماع أهل السنة، وأما كونه هو المراد بالآية ففيه ما فيه.

والذي يظهر من الآية أن معناها معنى نظرائها وأمثالها من الآيات التي يحتج الله سبحانه فيها على النشأة الثانية بالأولى، [و] (٣) على المعاد بالمبدأ، فجاء باحتجاج في غاية الاختصار والبيان، فقال: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ}، كقوله: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ} [الحج: ٥]، وقوله: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ} الآية [يس: ٧٨]، وقوله:


(١) تقدم تخريجه (١/ ٦٣).
(٢) أخرج هذه الآثار ابن عبد البر في «التمهيد» (١٨/ ٨١).
(٣) زيادة لازمة من «ت»، وكذلك ما سيأتي من مواضع.