للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{أَيَحْسِبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (٣٦) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ تُمْنَى (٣٧) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (٣٨)} إلى قوله: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة: ٣٦ - ٤٠]، وقوله: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (٥) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (٦) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (٧) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} [الطارق: ٥ - ٨]، أي على رَجْع الإنسان حيًّا بعد موته.

هذا هو الصواب في معنى الآية (١).

يبقى أن يقال: فكيف يرتبط هذا بقوله: {فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ}؟

فيقال: هذا الذي أوجب لأصحاب ذلك القول ما تأولوا به الآية، ومَن تأمّل الآية علم أن [هذا] القول أولى بها.

ووجه الارتباط أنّ الآية تضمّنت قواعد الدين علمًا وعملًا واعتقادًا، فأمر سبحانه فيها بالقسط ــ وهو [العدل]ــ الذي هو حقيقة شرعه ودينه، وهو يتضمّن التوحيد، فإنه أعدل العدل، والعدل في معاملة الخلق، والعدل في العبادة ــ وهو الاقتصاد في السنة ــ ويتضمن الأمر بالإقبال على الله، وإقامة عبوديته في بيوته، ويتضمّن الإخلاص له، وهو عبوديته وحده لا شريك له، فهذا ما فيها من العمل.

ثم أخبر بمبدئهم ومعادهم، فتضمّن ذلك حدوث الخلق وإعادته، فذلك الإيمان بالمبدأ والمعاد.


(١) انظر: «التبيان في أيمان القرآن» (١٦٤ - ١٦٥).