للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يستطيع له حركة.

ثم أكد هذا المنع والحبس بقوله: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سُدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سُدًّا} [يس: ٩]، قال ابن عباس: "منعهم من الهدى لما سبق في علمه" (١).

والسد الذي جُعِل من بين أيديهم ومن خلفهم هو الذي سدّ عليهم طريق الهدى، فأخبر سبحانه عن الموانع التي منعهم بها من الإيمان عقوبة لهم، ومثّلها أحسن تمثيل وأبلغه، وذلك حال قوم قد وُضِعت الأغلال العريضة الواصلة إلى الأذقان في أعناقهم، وضُمّت أيديهم إليها، وجُعِلوا بين سدين لا يستطيعون النفوذ من بينهما، وأغشيت أبصارهم فهم لا يرون شيئًا.

وإذا تأملت حال الكافر الذي عرف الحق وتبين له، ثم جحده وكفر به وعاداه أعظم معاداة؛ وجدت هذا المثل مطابقًا له أتم مطابقة، وأنه قد حيل بينه وبين الإيمان، كما حيل بين هذا وبين التصرف، والله المستعان.

فصل

وأما القفل، فقال تعالى: {(٢٣) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ} [محمد: ٢٤]، قال ابن عباس: "يريد على قلوب هؤلاء أقفال" (٢).

وقال مقاتل: "يعني الطبع على القلب" (٣).

فكأن القلب بمنزلة الباب المُرْتَج الذي قد ضُرِب عليه قفل، فإنه ما لم


(١) نسبه إليه في "البسيط" (١٨/ ٤٥٨).
(٢) نسبه إليه في "البسيط" (٢٠/ ٢٥٥).
(٣) "تفسير مقاتل" (٤/ ٤٩).