للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مناط التكليف، وهذه متقدمة على الفعل غير موجِبة له.

وقدرة مقارِنة للفعل مستلزِمة له، لا يتخلف الفعل عنها، وهذه ليست شرطًا في التكليف، فلا تتوقّف صحته وحسنه عليها، فإيمان من لم يشأ الله إيمانه، وطاعة من لم يشأ طاعته مقدور بالاعتبار الأول، غير مقدور بالاعتبار الثاني.

وبهذا التحقيق تزول الشبهة في تكليف ما لا يُطاق، كما يأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى.

فإذا قيل: هل خَلَق لمن علم أنه لا يؤمن قدرة على الإيمان، أم لم يخلق له قدرة؟

قيل: خَلَق له قدرة مُصَحِّحة متقدِّمة على الفعل، هي مناط الأمر والنهي، ولم يخلق له قدرة موجِبة للفعل مستلزِمة له، لا يتخلّف عنها، فهذه فضله يؤتيه من يشاء، وتلك عدله التي تقوم بها حجته على عبده.

فإن قيل: فهل يمكنه الفعل ولم تُخْلَق له هذه القدرة؟

قيل: هذا هو السؤال السابق بعينه، وقد عرفت جوابه، وبالله التوفيق.

فصل

وأما إماتة قلوبهم، ففي قوله: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: ٨٠]، وقوله: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام: ١٢٢]، وقوله: {لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا} [يس: ٧٠]، وقوله: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: ٢٢]، فوصف