للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكافر بأنه ميت، وأنه بمنزلة أصحاب القبور، وذلك أن القلب الحيّ هو الذي يعرف الحق ويقبله ويحبه ويؤثره على غيره، فإذا مات القلب لم يبق فيه إحساس ولا تمييز بين الحق والباطل، ولا إرادة (١) للحق وكراهة للباطل، بمنزلة الجسد الميت الذي لا يحسّ بلذة الطعام والشراب وألم فقدهما.

ولذلك (٢) وصف سبحانه كتابه ووحيه بأنه روح؛ لحصول حياة القلب به، فيكون القلب حيًّا، ويزداد حياة بروح الوحي، فيحصل له حياة على حياة، ونور على نور، نور الوحي على نور الفطرة، قال تعالى: {الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ} [غافر: ١٥]، وقال: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى: ٥٢]، فجعله روحًا لما يحصل به من الحياة، ونورًا لما يحصل به من الهدى والإضاءة، وذلك نور وحياة زائد على نور الفطرة وحياتها، فهو نور على نور، وحياة على حياة.

ولهذا يضرب سبحانه لمن عدم ذلك مثلًا بمستوقد النار التي ذهب عنه ضوؤها، وبصاحب الصَّيِّب الذي كان حظّه منه الصواعق والظلمات والرعد والبرق، فلا استنار بما أوقد من النار، ولا حيي بما في الصَّيِّب من الماء.

وكذلك ضرب هذين المثلين في "سورة الرعد" لمن استجاب له، فحصل على الحياة والنور، ولمن لم يستجب له وكان حظه الموت


(١) "د": "لذاذة".
(٢) عدا "م": "وكذلك".