للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسادًا، ولا يلزم من ذلك تماثل البعوضة والفيل، وتماثل الأجسام والأعراض، ومن يجعل من الجبرية للقدرة الحادثة تعلّقًا ما بفعل العبد يعترف بالفرق ويقول: قدرته تتعلق ببعض الأعراض ولا تتعلق بالأجسام، ولا بكل الأعراض، فإن احتج على إبطال التأثير بهذه الشبهة الغثّة أُلْزِم بها بعينها في عموم تعلق قدرته بكل موجود.

فصل

قال الجبري: دليل التوحيد ينفي كون العبد فاعلًا، وأن يكون لقدرته تأثير في فعله، وتقريره بدليل التمانع.

قال السني: دليل التوحيد إنما ينفي وجود ربّ ثان، ويدل على أنه لا ربّ إلا هو سبحانه، ولا يدل على امتناع وجود مخلوق له قدرة وإرادة مخلوقة يُحدِث بها، وهو وقدرته وإرادته وفعله مخلوق لله. فهو بعد طول مقدماته، واعتراف فضلائكم بالعجز عن تقريره، وذِكْر ما في مقدماته من منع ومعارضة= إنما ينفي وجود قادرَيْن متكافئيْن، قدرة كل واحد منهما من لوازم ذاته، ليست مستفادة من الآخر، وهو دليل صحيح في نفسه، وإن عجزتم عن تقريره، ولكن ليس فيه ما ينفي أن تكون قدرة العبد وإرادته سببًا لوجود مقدوره، وتأثيرها فيه تأثير الأسباب في مسبباتها، فلا للتوحيد قررتم بدليل التمانع، ولا للجبر، وقد كفانا أفضل متأخريكم بيان ما في هذا الدليل من المُنُوع (١) والمعارضات.


(١) "د": "الممنوع"، و"المُنُوع" جمع دارج في كتب الكلام لـ "مَنْع"، انظر على سبيل المثال: "تنبيه الرجل العاقل" (١/ ٣١، ٢٤٤)، "المواقف" (٢/ ٦٧٢).