للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأنعام: ١٤٩] يعني يوم أخذ الميثاق (١).

قال شيخنا: ومثل (٢) هذا الأثر لا يوثق به؛ فإن في «تفسير السُّدِّي» أشياء قد عُرِف بطلان بعضها، وهو ثقة في نفسه، وأحسن أحوال هذا وأمثاله أن يكون كالمراسيل إن كان مأخوذًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكيف إذا كان مأخوذًا عن أهل الكتاب؟!

ولو لم يكن في هذا إلا معارضة لسائر الآثار التي تتضمن التسوية بين جميع الناس في الإقرار (٣).

وأما قوله: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [آل عمران: ٨٣]، فإنما هو في الإسلام الموجود منهم بعد خلقهم؛ لم يقل: إنهم حين العهد الأول أسلموا طوعًا وكرهًا.

يدل على ذلك أنّ ذلك الإقرار الأول جعله الله حجة عليهم عند مَن يثبته، ولو كان فيهم كاره لقال: لم أقرّ طوعًا بل كرهًا. فلا تقوم به عليه حجة.

وأما احتجاج [إسحاق] رحمه [الله] (٤) بقول أبي هريرة: اقرؤوا إن شئتم: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: ٣٠]؛ فهذه الآية فيها قولان:

أحدهما: أن معناها النهي، كما تقدم عن ابن جرير أنه فسّرها


(١) تقدم تخريجه (١/ ٣٧)، وقد نقله السدي عن ابن عباس وابن مسعود وغيرهما.
(٢) «د»: «وقيل» دون إعجام، والتصويب من «درء التعارض».
(٣) زاد بعده في «ت»: «لكفى»، وليست هي في مصدر المؤلف.
(٤) ما بين المعقوفات مستدرك من «درء التعارض».