للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بذلك] (١)، فقال: أي لا تبدّلوا دين الله الذي فطر عليه عباده.

وهذا قول غير واحد من المفسرين، لم يذكروا غيره.

والثاني: ما قاله إسحاق، وهو أنها خبر على ظاهرها، وأنّ خَلْق الله لا يبدله أحد. وظاهر اللفظ [أنه] (٢) خبر فلا يُجْعل نهيًا بغير حجة، وهذا أصحُّ.

وحينئذ فيكون المراد: أنّ ما جَبَلهم عليه من الفطرة لا يُبدَّل، فلا يُجْبلون على غير الفطرة، لا يقع هذا أصلًا.

والمعنى: أن الخلق لا يتبدّل، فيُخلقون على غير الفطرة، ولم يرد بذلك أن الفطرة لا تتغيّر بعد الخلق، بل نفس الحديث يبين أنها تتغيّر، ولهذا شبّهها بالبهيمة التي تولد جَمْعاء، ثم تُجْدع، ولا تولد بهيمة مَخْصِيّة ولا مَجْدوعة.

وقد قال تعالى عن الشيطان: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: ١١٩]، فاللهُ أَقْدَرَ الخلقَ على أن يغيّروا ما خلقهم عليه بقدرته ومشيئته، وأما (٣) تبديل الخلق بأن يُخلَقوا على غير تلك الفطرة؛ فهذا لا يقدر عليه إلا الله، والله لا يفعله، كما قال: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}، ولم يقل: لا تغيير؛ فإن تبديل الشيء يكون بذهابه وحصول بدله، ولكن إذا غُيِّر بعد وجوده لم يكن الخلق الموجود عند الولادة [قد حصل بدله] (٤).

وأما قول القائل: لا تبديل للخلقة التي جُبِل عليها بنو آدم كلهم من كفر


(١) «بذلك» من «ت»، وفي مصدر المؤلف: «بالنهي».
(٢) «أنه» من «ت»، ومصدر المؤلف.
(٣) «د»: «وإنما» تحريف، والتصحيح من «درء التعارض».
(٤) «قد حصل بدله» من مصدر المؤلف.