للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله لهم: «أوَ ليس خياركم أولاد المشركين؟!» = نصٌّ أنه أراد أنهم ولدوا غير كفار (١)، ثم الكفر طرأ بعد ذلك، ولو أراد أن المولود حين يولد يكون إما مسلمًا وإما كافرًا على ما سبق له به القدر؛ لم يكن فيما ذَكَر حجّةٌ على ما قَصَد من نهيه عن قتل أولاد المشركين.

وقد ظنّ بعضهم أن معنى قوله: «أوَ ليس خياركم أولاد المشركين؟!» أنه قد يكون سبق (٢) في علم الله أنهم لو بقوا لآمنوا، فيكون النهي راجعًا إلى هذا المعنى من التجويز.

وليس هذا معنى الحديث، لكن معناه أن خياركم هم السابقون الأولون وهؤلاء من أولاد المشركين، فإن آباءهم كانوا كفارًا، ثم إن البنين أسلموا بعد ذلك، فلا يضر الطفل أن يكون من أولاد المشركين إذا كان مؤمنًا؛ فإن الله إنما يجزيه بعمله لا بعمل أبويه، وهو سبحانه يخرج المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن، كما يخرج الحيّ من الميت، ويخرج الميت من الحيّ.

فصل (٣)

وهذا الحديث قد روي بألفاظ يفسِّر بعضها بعضًا، ففي «الصحيحين» (٤) ــ واللفظ للبخاري ــ عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مولود يولد إلا على الفطرة، فأبواه


(١) كذا في «د»، وفي مصدر النقل: «يبين أنه أراد ... ».
(٢) «سبق» من «ت»، ومصدر المؤلف.
(٣) لا يزال النقل مستمرًّا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية.
(٤) تقدم تخريجه (١/ ١٠٣).