للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السليمة، وعلى أنه بعد ذلك يتغير ويكفر.

ومن ظن أنّ الطبع على قلبه، وهو (١) الطبع المذكور على قلوب الكفار؛ فهو غالط؛ فإن ذلك لا يقال فيه: طُبِع يوم طُبِع؛ إذ كان الطبع على قلبه إنما يوجد بعد كفره.

وقد ثبت في «صحيح مسلم» (٢) عن عياض بن حمار، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن ربّه تبارك وتعالى أنه قال: «خَلَقْتُ عبادي حنفاء كلهم، فاجتالتهم الشياطين، وحَرّمتْ عليهم ما أحللتُ لهم، وأمرَتْهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانًا»، وهذا صريح في أنه خلقهم على الحنيفية، وأن الشياطين اجتالتهم بعد ذلك.

وكذلك في حديث الأسود بن سَرِيع الذي رواه أحمد وغيره (٣) قال: بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - سرية فأفضى بهم القتل إلى الذرية، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما حملكم على قَتْل الذرّية؟» قالوا: يا رسول الله، أليسوا أولاد المشركين؟ قال: «أوَ ليس خياركم أولاد المشركين؟!»، ثم قام النبي - صلى الله عليه وسلم - خطيبًا فقال: «ألا إنّ كل مولود يولد على الفطرة حتى يُعْرِبَ عنه لسانُهُ».

فخطبته لهم بهذا الحديث عقيب نهيه لهم عن قتل أولاد المشركين،


(١) كذا في «د» ومصدر النقل: «وهو»، والأليق بالسياق: «هو» دون واو.
(٢) تقدم تخريجه (٢/ ٦٥).
(٣) أحمد (١٥٥٨٨)، ومعمر في «الجامع» (٢٠٠٩٠)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (١١٦٠) من حديث الحسن عن الأسود بن سريع، والحسن لم يسمع منه، كما جزم به ابن المديني في «العلل» (٥٥)، وانظر: «تحفة التحصيل» (٧١). والحديث صححه الحاكم (٢٥٦٦).