للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالت طائفة: الضمير يرجع إلى الأغلال، وهذا هو الظاهر، وقوله: {فَهْيَ إِلَى الْأَذْقَانِ} أي: واصلة ومَلْزُوزة إليها (١)، فهو غلّ عريض قد أحاط بالعنق حتى وصل إلى الذقن.

وقوله: {فَهُمْ مُقْمَحُونَ} قال الفراء والزجاج: "المُقْمَح هو الغاضّ بصره بعد رفع رأسه" (٢).

ومعنى الإقماح في اللغة: رفع الرأس وغض البصر، يقال: أقمح البعير رأسه، وقمح.

وقال الأصمعي: "بعير قامح إذا رفع رأسه عن الحوض، ولم يشرب" (٣).

قال الأزهري: "لما غُلّت أيديهم إلى أعناقهم رَفَعتِ الأغلالُ أذقانَهم ورؤوسهم صعدًا، كالإبل الرافعة رؤوسها" (٤)، انتهى.

فإن قيل: فما وجه التشبيه بين هذا وبين حبس القلب عن الهدى والإيمان؟

قيل: أحسن وجه وأبينه؛ فإن الغلّ إذا كان في العنق واليد مجموعة إليها مَنَع اليد عن التصرف والبطش، فإذا كان عريضًا قد ملأ العنق ووصل إلى الذقن مَنَع الرأس من تصويبه، وجعل صاحبه شاخص الرأس منتصبه لا


(١) من لزّ الشيء إذا شدّه وألصقه إليه، "الصحاح" (٣/ ٨٩٤).
(٢) "معاني القرآن" للفراء (٢/ ٣٧٣)، "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج (٤/ ٢٧٩).
(٣) بنحوه في "الأضداد" (١٦)، وانظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (٢/ ٣٠٣).
(٤) "تهذيب اللغة" (٤/ ٨٢)، وانظر: "البسيط" (١٨/ ٤٥٦).