وقد يُسنَد إلى محله القائم به، كقول إبراهيم الخليل: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهْوَ يَهْدِينِ (٧٨) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهْوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: ٧٨ - ٨٠]، وقول الخضر:{أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا}[الكهف: ٧٩]، وقال في بلوغ الغلامين:{فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا}[الكهف: ٨٢].
وقد جَمع الأنواع الثلاثة في الفاتحة في قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٦ - ٧].
والله تعالى إنما نسب إلى نفسه الخير دون الشر، فقال تعالى:{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ}[آل عمران: ٢٦].
وأخطأ من قال: المعنى: بيدك الخير والشر؛ لثلاثة أوجه:
أحدها: أنه ليس في اللفظ ما يدل على إرادة هذا المحذوف، بل تَرَكَ ذكرَهُ قصدًا وبيانًا أنه ليس بمراد.
الثاني: أنّ الذي بيد الرب تعالى نوعان: فضل وعدل، كما في الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يمين الله مَلْأى، لا يَغِيضها نفقةٌ، سَحّاءُ، الليلَ والنهارَ، أرأيتم ما أنفق منذ خلق الخلق؛ فإنه لم يَغِضْ ما في يمينه، وبيده الأخرى القسط، يخفض ويرفع»(١)، فالفضل لإحدى اليدين، والعدل
(١) أخرجه البخاري (٧٤١٩)، ومسلم (٩٩٣) من حديث أبي هريرة، وفيهما: «القبض» بدل «القسط»، وهذا الحرف رواه ابن منده في «التوحيد» (٣٣٧).