للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعينين والرجلين" (١).

وقال مقاتل: "خلق لكل دابة ما يصلح لها من الخلق" (٢).

وقال أبو إسحاق: "خلق الإنسان مستويًا" (٣)، وهذا تمثيل، وإلا فالخلق والتسوية شامل للإنسان وغيره، قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} [الشمس: ٧]، وقال: {السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [البقرة: ٢٩]، فالتسوية شاملةٌ لجميع مخلوقاته: {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} [الملك: ٣]، وما يوجد من التفاوت وعدم التسوية فهو راجع إلى عدم إعطاء التسوية للمخلوق؛ فإن التسوية أمرٌ وجودي يتعلق بالتأثير والإبداع، فما عُدِم منها فلعدم إرادة الخالق للتسوية، وذلك أمر عدمي يكفي فيه عدم الإبداع والتأثير.

فتأمل ذلك؛ فإنه يزيل عنك الإشكال في قوله: {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ}، فالتفاوت حاصل بسبب عدم مشيئة التسوية، كما أنّ الجهل والصمم والعمى والخرس والبكم يكفي فيها عدم مشيئة خلقها وإيجادها، وتمام هذا يأتي ــ إن شاء الله ــ في باب دخول الشر في القضاء الإلهي عند قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والشر ليس إليك" (٤).

والمقصود أن كل مخلوق فقد سوّاه خالقه سبحانه في مرتبة خلقه، وإن


(١) نسبه إليه في "البسيط" (٢٣/ ٤٣١)، ومثله في "تفسير البغوي" (٨/ ٤٠٠).
(٢) نسبه إليه في "البسيط" (٢٣/ ٤٣١)، ونسبت إلى عطاء في "الكشف والبيان" (١٠/ ١٨٣) وغيره.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" (٥/ ٣١٥).
(٤) (٢/ ٨١).