للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السبع في كفه كخردلة في كفّ العبد.

يحيط ولا يحاط به، ويحصر خلقه ولا يحصرونه، ويدركهم ولا يدركونه، لو أن الناس من لدن آدم إلى آخر الخلق قاموا صفًّا واحدًا ما أحاطوا به سبحانه.

ثم يشهده في علمه فوق كل عليم، وفي قدرته فوق كل قدير، وفي جوده فوق كل جواد، وفي رحمته فوق كل رحيم، وفي جماله فوق كل جميل، حتى لو كان جمال الخلائق كلهم على شخص واحد منهم، ثم أُعطي الخلق كلهم مثل ذلك الجمال؛ لكان نسبته إلى جمال الرب تبارك وتعالى دون نسبة سراج ضعيف إلى ضوء الشمس.

ولو اجتمعت قوى الخلائق على شخص واحد منهم، ثم أُعطي كلٌّ منهم مثل تلك القوة؛ لكان نسبتها إلى قوته سبحانه دون نسبة قوة البعوضة إلى الأسد.

ولو كان جودهم على رجل واحد، وكل الخلائق على ذلك الجود؛ لكانت نسبته إلى جوده دون نسبة قطرة إلى البحر.

وكذلك علم الخلائق إذا نُسِب إلى علمه كان كنقرة عصفور من البحر.

وهكذا سائر صفاته، كحياته وسمعه وبصره وإرادته، فلو فرض البحر المحيط بالأرض مدادًا تحيط به سبعة أبحر، وجميع أشجار الأرض شيئًا بعد شيء أقلام؛ لفني ذلك المداد والأقلام، ولا تفنى كلماته ولا تنفد، فهو أكبر في علمه من كل عالم، وفي قدرته من كل قادر، وفي جوده من كل جواد، وفي غناه من كل غني، وفي علوه من كل عال، وفي رحمته من كل رحيم.