للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا: فهذا محال في حق الربّ تعالى؛ فإن كل ما يفعله يستحق عليه الحمد، وكل ما يقوم به من صفاته فهو صفة كمال، وضده نقص.

وقد ينازِع النظّار في الفاعلية: هل هي صفة كمال أم لا؟

وجمهور المسلمين من جميع الفرق يقولون: هي صفة كمال.

وقالت طائفة: ليست صفة كمال ولا نقص، وهو قول أكثر الأشعرية.

فإذا التزم هذا القول، قيل له: الجواب من وجهين:

أحدهما: أنّ من المعلوم بصريح العقل أنّ من يخلق أكمل ممن لا يخلق، كما قال تعالى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَّكَّرُونَ} [النحل: ١٧]، وهذا استفهام إنكار، يتضمن الإنكار على من سَوَّى بين أمرين يعلم (١) أن أحدهما أكمل من الآخر قطعًا، ولا ريب أن تفضيل مَن يخلق على من لا يخلق في الفِطَر والعقول كتفضيل مَن يعلم على مَن لا يعلم، ومَن يقدر على مَن لا يقدر، ومَن يسمع ويبصر على مَن ليس كذلك.

ولمّا كان هذا مستقرًا في فِطَر بني آدم جعله الله تعالى من أدلة توحيده وحججه على عباده، قال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهْوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٧٥) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهْوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ وَهْوَ وَهُوَ عَلَى} [النحل: ٧٥ - ٧٦]، وقال تعالى:


(١) «د» «م»: «الأمرين يعلم»، وفي «ج»: «الأمرين فعلم»، وبالمثبت يستقيم السياق.